14 من 27/دروس في الحج/فريضة الحج/صالح الفوزان/الفقه/كبار العلماء

استمع على الموقع

إقرأ

الدرس الرابع عشر: فريضة الحج

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد؛ فإن الحج عبادة عظيمة قد فرضها الله على المسلم مرة واحدة بالعمر على المستطيع، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحج مرة واحدة، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا"، فَقَالَ رَجُلٌ: "أَكَلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟"، فلم يجبه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَ اللَّهُ كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا"، فقام ذلك الرجل مره ثانية وكرر السؤال، ثم قال صلى الله عليه وسلم:: "الْحَجُّ مَرَّةً فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ"، بيَّن صلى الله عليه وسلم أن الفريضة مرة واحدة على المستطيع، {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، أما ما زاد عن المرة فهو تطوع، الحج له فرض وله تطوع، وكما أن الصلاة لها فرض ولها تطوع، وكل عبادة لها تطوع من جنسها، والحكمة في ذلك أن التطوع يُجبر به الفرد إذا حصل في الفرض نقصٌ في أداءه، ولا شك أن الفرض هو الأصل وأن التطوع هذا يأتي بعده مُكمل له، هذا من رحمة الله عز وجل أنه وسع على عباده أعمال الخير، لتكثُر لهم الأجور والحسنات ومن ذلك الحج، الحج جهاد كما في الحديث لما فيه من المشقة ولما فيه من السفر والتعرض للأخطار، ولما فيه من الإبتعاد عن الأهل والوطن، فهو جهاد في سبيل الله عز وجل، وليس هو رحلة ترفيه أو لستطلاع وإنما هو عبادة، يتذكر المسلم حين يخرج للحج أنه في عبادة وأن خطواته مكتوبة له، من حين يذهب إلى حين يرجع، وهو في أجر وعبادة لله عز وجل، عليه أن يحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى، وأن يكون مشتغلًا بطاعة الله وعبادة الله، فهو كالمصلي إذا أحرم بالصلاة فيتجنب ما يخالف الصلاة، كذلك الحاج إذا سافر للحج أو أحرم للحج فإنه يتجنب ما يُخالف هذه العبادة ممّا يُبطلها أو يُنقص ثوابها وأجرها، فيكون مشتغلًا بذكر الله وطاعة الله عز وجل، حتى يعود بالثواب من الله سبحانه وتعالى، كما أنه يُخلص النفقة من مال حلال، ينفقها على نفسه، يستغني بها عن الناس، فهذا هو الحج الذي إذا أداه ولم يحصل فيه معصية وأكثر من الطاعات فيه فهو الحج المبرور وليس له جزاء إلا الجنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ"، والرفس هو الجماع ودواعيه خصوصًا من المحرم، والفسوق هو سائر المعاصي تجنبها لأنه في عبادة، فلا يُدخل عليها شئ من المعاصي التي تُبطلها أو تُنَّقص ثوابها، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

شارك