25 من 27/دروس في الحج/أخطاء الحجاج المتعلقة بالعقيدة/صالح الفوزان/الفقه/كبار العلماء

استمع على الموقع

إقرأ

الدرس الخامس والعشرون: أخطاء الحجاج المتعلقة بالعقيدة

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه وصواب على سنة رسوله، حذر أمته من البدع والمحدثات، فقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ"، صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد أيها الإخوة الحجاج أتقوا الله وأحرصوا على أن يكون حجكم وسائر أعمالكم خالصً لوجه الله من جميع أنواع الشرك، وصوابً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعيدًا عن كل أنواع البدع والخرافات، حتى يكون عملكم مُتقبلًا وحجكم مبرورًا وسعيكم مشكورًا، لأن من الحجاج من يرتكب أخطاء كثيرة في جحه وهذه الأخطاء منها ما يتعلق بالعقيدة ومنها ما يتعلق بأحكام الحج العملية ونحن بهذه الكلمة سنبين شيء منها إن شاء الله. 

فالذي يتعلق بالعقيدة هو أن بعض الحجاج سواء كانوا في مكة أو في المدينة يذهبون إلى المقابر يتوسلوا بالموتى ويتبركوا بقبورهم أو يسألوا الله بجاههم وما أشبه ذلك من الأعمال الشركية أو البدعية المخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور، لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أن تُزار القبور للاعتبار وتذكر الآخرة والدعاء لأموات المسلمين بالمغفرة والرحمة وأن يكون ذلك بدون سفر وشد رحال وأن تكون الزيارة للرجال دون النساء، كما قال صلى الله عليه وسلم: "كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، أَلا فَزُورُوهَا،، فَإِنَّهُ يَرِقُّ الْقَلْبَ، وَتَدْمَعُ الْعَيْنَ، وَتُذَكِّرُ الآخِرَةَ"، وهذا خطاب للرجال خاصة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور، وكان صلى الله عليه وسلم إذا زار القبور دعى لأصحابها بالمغفرة والرحمة، هذا هديه صلى الله عليه وسلم في زيارتها، أنه لأجل اعتبار الزائر واتعاظه ولأجل الدعاء للميت المزور بالمغفرة والرحمة، أما أن تُزار القبور بقصد الدعاء عندها أو التبرك والتوسل بأصحابها أو الاستشفاء بهم فهذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فهو إما شرك بالله أو وسيلة للشرك يتنافى مع أعمال الحج ومقاصده، ليس هناك مساجد في الأرض تُقصد للصلاة فيها إلا المساجد الثلاثة، المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصي، ومسجد قُبَى لمن كان بالمدينة وليس هناك مغارات ولا أمكنة تُزار في دين الإسلام لا في مكة ولا في المدينة ولا في غيرهما لأنه لا دليل على ذلك والحاج إنما جاء ليطلب الأجر والثواب من الله فليقتصر على ما شرعه الله ورسوله، ولو أن الحاج وفر وقته للصلاة في المسجد الحرام إذا كان في مكة وفي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كان في المدينة وفر ماله للإنفاق في سبيل الله والصدقة على المحتاجين لحصل على الأجر والثواب، أما إذا أضاع هذه الإمكانيات في البدع والخرافات فإنه يحصل على الإثم والعقاب، فالواجب على الحاج أن يتنبه لهذا ولا يغتر بالجهال والمبتدعة أو بما كُتب في بعض المناسك من الترويج لهذه المبتدعات والدعاية لها، وعليه أن يُراجع المناسك الموثوقة التي أُلفت على ضوء الكتاب والسنه لأجل المحافظة على سلامة عقيدته وحجه وأن يسأل أهل العلم فيما أشكل عليه.

أما الأخطاء التي تتعلق بأعمال الحج فمنها أولًا في الإحرام، بعض الحجاج القادمين عن طريق الجو يؤخرون الإحرام حتى ينزلوا في مطار جدة فيحرموا منها أو دونها مما يلي مكة وقد تجاوزوا الميقات التي مروا به من طريقهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم في المواقيت: "هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ"، فمن مر بالميقات الذي هو في طريقة وهو في الجو أو في الأرض وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه أن يُحرم منه أو من مُحازاته فإن تجاوزه وأحرم من دونه أثم وترك واجب من واجبات النُسك يُجبره بدم، لأن جدة ليست ميقات لغير أهلها ولمن نوى النُسك منها، بعض الحجاج إذا أحرموا أخذوا لهم صورة تذكارية يحتفظون بها ويطلعون عليها أصدقائهم ومعارفهم وهذا خطأ من ناحيتين، أولًا أن التصوير في حد ذاته حرام ومعصية للأحاديث الواردة في تحريمه والوعيد عليه، والحاج في عبادة فلا يليق به أن يفتتح هذه العبادة بالمعصية، ثانيًا هذا يدخل في الرياء لأن الحاج إذا أحب أن يُطلع الناس عليه وعلى صورته وهو مُحرم فإن هذا مُحرم، والرياء يحبط العمل وهو شرك أصغر وهو صفة المنافقين، يظن بعض الحجاج أنه يجب على الإنسان إذا أراد الإحرام أن يُحضر عنده كل ما يحتاجه من الحذاء والدراهم وسائر الأغراض وأنه لا يجوز له أن يستعمل الأشياء التي لم يحضرها عند الإحرام وهذا خطأ كبير لأنه لا يلزمه شيء من ذلك ولا يُحرَم عليه أن يستعمل الحوائج التي لم يُحضرها عند الإحرام بل له أن يشتري ما يحتاج إلى شراءه ويستعمل ما يحتاج إلى استعماله وأن يغير ملابس الإحرام بمثلها وأن يغير حذاءه بحذاء آخر، ولا يتجنب إلا محظورات الإحرام المعروفة، بعض الرجال إذا أحرموا كشفوا أكتافهم وهذا غير مشروع إلا في حالة الطواف، طواف القدوم أو طواف العمرة، وما عدا ذلك يكون الكتف مستورًا بالرداء في كل الحالات، بعض النساء يعتقدن أن الاحرام يتخذ له لون خاص من الثياب كالأخضر مثلا وهذا خطأ لأنه لا يتعين لون خاص لثوب المرأة التي تلبسه في حاجة الإحرام وإنما تُحرِم بثيابها العادية إلا ثياب الزينة أو الثياب الضيقة أو الشفافة فلا يجوز لها لبسها في الإحرام ولا في غيره، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شارك