26 من 27/دروس في الحج/أخطاء الحجاج في رمي الجمرات/صالح الفوزان/الفقه/كبار العلماء

استمع على الموقع

إقرأ

الدرس السادس والعشرون: أخطاء الحجاج في رمي الجمرات

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد، نواصل الحديث في بيان ما يرتكبه بعض الحجاج من أخطاء ومنها ما يقع في رمي الجمرات، فإن رمي الجمرات واجب من واجبات الحج، وذلك بأن يرمي الحج جمرة العقبة يوم العيد ويجوز بعد منتصف الليل من يوم العيد، ويرمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق بعد زوال الشمس لكن يحصل من بعض الحجاج في هذا النسك أخطاء، منها أن بعضهم يرمي في غير وقت الرمي، يعني يرمي جمرة العقبة قبل منتصف الليل في ليلة العيد، أو يرمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق قبل زوال الشمس، وهذا الرمي لا يجزي لأنه في غير وقته المحدد له، فهو كما لو صلى قبل دخول الصلاة المحدد لها، ومن الحجاج من يخل بتربتيب الجمرات الثلاث، فيبدأ من الوسطى أو الأخيرة والواجب أن يبدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ثم الأخيرة وهي جمرة العقبة، ومنهم من يرمي في غير محل الرمي، وذلك بأن يرمي الحصى من بعد فلا تقع في الحوض أو يضرب بها العمود فتطير ولا تقع في الحوض وهذا رمي لا يُجزي لأنه لا يقع في الحوض، والسبب في ذلك الجهل أو العجلة أو عدم مبالاة، ومنهم من يقدم رمي الأيام الأخيرة مع رمي الأولى من أيام التشريق ثم يسافر قبل تمام الحج، وبعضهم إذا رمى لليوم الأول يوكل من يرمي عنه البقية ويسافر إلى وطنه وهذا تلاعب بأعمال الحج وغرور من الشيطان، فهذا الإنسان تحمل من المشاق وبذل المال لأداء الحج فلما بقى عليه القليل من أعماله ومناسكه تلاعب به الشيطان فأخل بها ترك عدة واجبات من واجبات الحج وهي رمي الجمرات الباقية وترك المبيت بمِنى ليالي أيام التشريق ثم طوافه للوداع في غير وقته لأن وقت طواف الوداع إنما يكون بعد نهاية أعمال الحج، فهذا لو لم يجد أصلا وسلم من التعب وإضاعة المال لكان أحسن، فالله عز وجل يقول: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه}، ومعنى إتمام الحج والعمرة إكمال أعمالهم لمن أحرم بهم على الوجه المشروع وأن يكون القصد منهما خالصًا لوجه الله تعالى، ومن الحجاج من يفهم خطأ في معنى التعجل الذي قال الله تعالى فيه: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}، فيظن أن المراد باليومين يوم العيد ويوم بعده وهو اليوم الحادي عشر فينصرف في اليوم الحادي عشر وهذ خطأ واضح سببه الجهل، لأن المراد هما يومان بعد العيد هما اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر، من تعجل فيهما فنفر بعد أن يرمي الجِمار بعد زوال الشمس في اليوم الثاني عشر فلا إثم عليه، ومن تأخر في اليوم الثالث عشر ورمى الجِمار بعد زوال الشمس فيه ثم نفر فهذا أفضل وأكمل، اتقوا الله وأدوا حجكم على وفق ما شرع الله لكم خالصًا لوجهه تفوزوا بثوابه وتذكروا قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}، وهناك أخطاء ترتكب في زيارة المسجد النبوي الشريف، منها اعتقاد بعضهم أن زيارة المسجد النبوي الشريف له علاقة بالحج، فإن زيارة المسجد النبوي عبادة مستقلة ليس لها علاقة بالحج وليس لها وقت مُخصص فمن حج ولم يزر المسجد النبوي فحجه تام وصحيح، ومنها اعتقاد بعضهم أن زيارة المسجد النبوي واجبة وهذا اعتقاد غير صحيح؛ لأن زيارة المسجد النبوي سنة فلو لم يزره طوال حياته فلا شئ عليه ومن زاره بنية صالحة حصل على ثواب عظيم، ومن لم يزره فلا إثم عليه، ومنها أن بعض الحجاج يعتبروا زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم زيارة للرسول أو زيارة لقبر الرسول، وهذا خطأ في التسمية قد يكون مصحوبًا بخطأ في الاعتقاد، لأن أصل الزيارة التي يسافر من أجلها هي لمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بقصد الصلاة فيه، وتدخل زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وزيارة غيره من قبور الصحابة وزيارة قبور الشهداء وبقية المسلمين تدخل تبعًا لزيارة المسجد، لا أنها تُقصد بالسفر أصالة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السفر الذي يقصد به التعبد في مكان من الأمكنة إلا إلى المساجد الثلاثة، فلا يسافر زيارة قبور الأنبياء ولا الأولياء ولا لأجل مسجد من المساجد غير المساجد الثلاثة، أما الأحاديث التي وردت في الحث على زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لمن حج البيت كلها أحاديث لا يُحتد بواحد منها لأنها كلها موضوعة وإما ضعيفة متناهية الضعف كما بين ذلك أئمة الحُفَّاظ، لكن من زار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم استحب له زيارة قبره عليه الصلاة والسلام وزيارة غيره من القبور تبعًا لزيارة المسجد، وأخذًا من عموم مشروعه زيارة القبور بشرط أن تكون زيارة شرعية يقتصر فيها على السلام على الموتى والدعاء لهم بالراحة والرضوان لا من أجل الاستغاثة بهم من دون الله وطلب الحوائج منهم فإن هذه زيارة شركية لا شرعية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شارك