11 من 27/دروس في الحج/خير الزاد/صالح الفوزان/الفقه/كبار العلماء

استمع على الموقع

إقرأ

الدرس الحادي عشر: خير الزاد

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال الله جل وعلا للحجاج: "وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ"، فالحاج يأخذ معه زاده ونفقته، ليستغني بذلك عن الناس ولا يكون عالة على الناس، كان قومًا لا يأخذون معهم زادًا ويقولون نحن المتوكلون ويصبحون عالةً على الناس، فأمر الله عباده المؤمنين بالتزود بما يكفيهم ولهذا قال جل وعلا: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا"، استطاع بالزاد والراحلة أى المركوب الذي يوصله ويرده إلى وطنه، هذا هو المستطيع في الحج، الزاد لابد منه في الحج، زاد الدنيا من الطعام والشراب، ثم قال: "فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ"، هذا تنبيه على زاد الآخرة، زاد الآخرة ليس بالطعام والشراب وإنما هو بالتقوى، والتقوى هي فعل الأوامر وترك النواهى خوفًا ورجاءً من الله سبحانه وتعالى، فالحاج مأمور أن يتزود ولا يخرج بدون زاد، زاد يُكفيه ويُغنيه عن التطلع إلى ما في أيدى الناس، فإن كان ليس عنده زاد فلا يحُج لأنه غير مستطيع، هذا مما يدل على إعداد الزاد للحج والنفقة في الحج، ولابد أن تكون النفقة في الحج من مال حلال، من مال طيب، لا تكون من مالٍ حرام ومكسبٍ خبيث، فهذا نهى الله جل وعلا عنه، ومن ليس عنده زاد فإنه لا يحج لكى لا يكون عالة على غيره، فالزاد لابد منه، تزودوا أي تزودوا للسفر، ثم نبه على الزاد الأُخروي، من باب الشئ بالشئ يُذكر، "فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ"، تزودوا كما تتزودون لسفر الدنيا بالمأكل والمشرب والمركب، تزودوا لسفر الآخرة بالتقوى، بفعل أوامر الله جل وعلا وترك نواهيه، فالإنسان لا يزال في سفر إلى دار القرار، سافر من صُلب أبيه إلى رحِم أمه، سافر من رحم أمه إلى الدنيا، سافر من الدنيا إلى القبر، سيُسافر من الدنيا إلى البعث والنشور، ولا يزال في سفر إلى دار القرار وهي الآخرة إما في الجنة وإما في النار، "وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ"، تأكيد للأمر بالتقوى وأولوا الألباب يعني أصحاب العقول، لأن الذي يُهمل هذا الزاد لا عقل له، العاقل يتزود بما يكفيه ويقويه ويستغنى به عن التطلع إلى ما في أيدى الناس، نعم إذا صادف حملة من المحسنين الذين يحملون عن الحجاج ويُنفقون عليهم فلا بأس أن يحُج معهم ويكون تحت كفالتهم، أما أن يتطلع إلى ما في أيدى الناس ويخرج بدون زاد فهذا منهى عنه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

شارك