07 من 27/دروس في الحج/تحقيق التوحيد في الحج/صالح الفوزان/الفقه/كبار العلماء

استمع على الموقع

إقرأ

الدرس السابع: تحقيق التوحيد في الحج

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، كل عمل من الأعمال لا بد أن يتوفر فيه شرطان، الشرط الأول: الإخلاص لله وهو تحقيق التوحيد، إفراد الله جل وعلا بهذه العبادة، بحيث تكون نيته لوجه الله، لا يقصد من ذلك طمعًا دنيويًا ولا يقصد من ذلك رياء ولا سمعة، وإنما يقصد من ذلك وجه الله عز جل، هذا هو تحقيق التوحيد، تحقيق التوحيد هو تصفيته من شوائب الشرك والبدع والمحدثات، وفي الحديث: "مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ"، فالمؤمن يحقق توحيده بإفراد الله جل وعلا بجميع أنواع العبادة فلا يكون فيها رياء ولا يكون فيها سمعة ولا يكون فيها تقرب إلى أحد لا ميتًا ولا حيًّا، وإنما تكون العبادة خالصة لله عز وجل لأن الله يقول: "أنا أغْنَى الشُّرَكَاءِ عَن الشِّركِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ مَعِي فِيهِ غَيْرِي تَرَكتُهُ وشِرْكَهُ"، وفي رواية أخرى: "هو لِلَّذي أشْرَكَ، وأنا مِنهُ برِيءٌ"، والله لا يقبل العمل الذي دخله شرك أو نية لغير الله عز وجل، فعلى المسلم أن يتذكر هذا وأن يخلص عمله لله عز وجل وأن يتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في أدائه للعبادة لقوله صلى الله عليه وسلم:"صلُّوا كما رأيتموني أصلّي"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عنِّي مناسِكَكم"، والله جل وعلا يقول: "لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ"، وهذا يستدعي من المسلم أن يتعلم قبل أن يدخل في العمل، يتعلم أحكام هذا العمل وكيف يؤديه وما هي شروطه حتى يكون العمل صحيحًا نافعًا له ولا يكون تعبًا بدون فائدة، فان الله جل وعلا يقول في حق المشركين: "وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا"، قال سبحانه: " وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا"، قال تعالى: " مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ۖ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ"، قد يتعبون ويضيعون أعمارهم بالعمل لكنه هباءٌ منثورٌ ورمادٌ تطير به الرياح، لأنه فقد الشرطين؛ فلا يكون خالصًا لوجه الله، أو لا يكون صوابًا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا يستدعي من كل مسلم أن يتعلم العلم النافع الذي يؤدي به العمل على الوجه المشروع الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى، حتي لا يكون تعبًا بلا فائدة والعمل إذا كان خالصًا ولو كان قليلًا فإن الله يقبله وينميه ويضاعفه أضعافًا كثيرة، "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا". 

"مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ"، حبة واحدة أثمرت في سبعمئة حبة، مضاعفة من الله سبحانه وتعالى، هذا مثل ضربه الله جل وعلا لأنه يضاعف الحسنات كما يضاعف ثمرة هذه الحبة، والتوفيق من الله سبحانه وتعالى، ولكن على الإنسان أن يتعلم أولًا كيف يؤدي العمل على الوجه المشروع، وثانيًا أن يخلص النية والقصد لله عز وجل، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

شارك