سيرة ذاتية – في موكب الدعوة -11-تعليق الشيخ صالح الفوزان على مظاهر الصحوة الإسلامية في العالم

استمع على الموقع

إقرأ

سيرة ذاتية – في موكب الدعوة -11- (تعليق الشيخ صالح الفوزان على مظاهر الصحوة الإسلامية في العالم)

- الشيخ صالح الفوزان-

بسم الله الرحمن الرحيم، المكتب الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، حلقات تُبث في إذاعة القرآن الكريم:

"في موكب الدعوة"

: دكتور صالح حفظكم الله الحقيقي يسود العالم الإسلامي في الوقت الحاضر العديد من مظاهر العودة والرجعة إلى الله -سبحانه وتعالى- وهي مظاهر مُبَشِّرة -ولله الحمد- البعض ينظر إلى هذه التوجهات بحذر وأنها ليست على علم شرعي أصيل، ولذلك من الممكن أن تزول وتتلاشى من وقت لآخر، والبعض ينظر إلى هذه الرجعة أو ما يُعرَف في مصطلح البعض "الصحوة الإسلامية" بنظرة تفاؤل كبير، شيخ صالح ما هو تعليقكم على مثل هذا الأمر؟

: لا شك أن هذا الدين سيظهر مهما تكالب الأعداء، ومهما وقف ضده أهل الشر فإنه سيظهر وسيتغلب -بإذن الله-، قال الله -جل وعلا-: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]

فلابد أن يظهر هذا الدين بسلطته ونفوذه، أو بسلطانه ودليله ووضوحه على ما خالفه من الأديان، ومن عارضه من المعارضين هذا لابد منه.

ولابد أن تتضح الحقيقة أمام العقلاء مهما زيَّف الأعداء ومهما روجوا ضد أهل الدين فإن شمس الحقيقة ستكشف هذا الضباب الذي روجه أعداء الدين حول هذا الإسلام، وحول هذا الدين الذي بعث الله به رسوله -صلى الله عليه وسلم- كما قال -جل وعلا-: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8]

لابد من هذا، وأما ما تفضلت به من صحوة الشباب ورغبتهم في الخير، وكثرة التائبين والراجعين إلى الله فهذا من هذا الباب الذي ذكرت، هذا من ظهور الدين وظهور الحقيقة، وأن الناس ملُّوا الآن من المناهج والمذاهب الأخرى والمغريات وملُّوا من الكذب والدجل، اتجهوا إلى الحقيقة، وليس أمامهم حقيقة إلا هذا الدين، الباقي كله زخرف وكله بَهْرَج وكله كذب، فرجوع الناس إلى هذا الدين أمر حتم، وهذا شيء أخبر الله -جل وعلا- عنه: { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33]، {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32]، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال: 36] 

هذا شيء حقيقة، شيء ثابت، وتوجه الشباب وتوجه الناس نحو هذا الدين هذا مما أخبر الله عنه سبحانه وتعالى، ولكن الشأن باستغلال هذا التوجه؛ فإن استُغل هذا التوجه من الشباب وغيرهم نحو الدين استغلالًا حسنًا وفُقِّهوا في دين الله -عز وجل- ورجع هؤلاء الشباب وهؤلاء التائبين رجعوا إلى أهل العلم واسترشدوا بآرائهم، صار هذا الرجوع حقيقية واستمر وأفاد، أما إذا استغل هذا الرجوع أهل الشر وأهل النفاق فوجهوا هؤلاء الراجعين إلى الدين وجهوهم توجيهًا سيئًا، وزيفوا عليهم الحقائق باسم الدين فإن العاقبة ستكون سيئة.

فالخوارج من قبل كان عندهم دين وعندهم حماس، عندهم محبة للجهاد في سبيل الله وغيرة على الدين، وعندهم عبادة عظيمة من صيام وصلاة وتلاوة قرآن، ولما لم يكونوا على وجه صحيح ويرتكز توجههم على دين صحيح وفقه في دين الله صار وبالًا عليهم، صار وبالًا عليهم وحصل عليهم من النكبات ما حصل، كل هذا بسبب عدم التوجه الصحيح وعدم الرجوع إلى أهل العلم، وعدم الرجوع إلى أهل الفقه في دين الله -عز وجل-، ولما استقلوا برأيهم واستثارهم الأشرار باسم الدين والغيرة حصل عليهم وعلى غيرهم من النكبة ما حصل فالواجب على أهل الصحوة والراغبين في دين الله -عز وجل- نسأل الله أن يزيدهم من الخير وأن يزيدهم من الثبات، لكن نريد منهم وننصحهم أن يتوجهوا إلى العلم الصحيح وإلى أهل العلم، وإلى تلقي العلم عن أهله، وإلى استغلال فرصة وجود العلماء لينهلوا من علمهم وتوجيههم، وأن يستشيروا أهل الرأي وأهل الخبرة أيضًا وأهل العقول السليمة من كبار السن ومن أهل الخبرة
، وألا يستقِلُّوا برأيهم وألا يستغلوهم أعداهم الأشرار باسم الدين، ممكن أن يُوظَّف الدين لمحاربة الدين، وهذا شيء واقع، ممكن أن يُوَظَّف اسم الدين لمحاربة الدين والقضاء عليه كما فعل المنافقون من قبل { وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [آل عمران: 72]

فمكرُ قديم واستغلال الدين، واستغلال هدم الدين باسم الدين هذا قديم، فعلينا أن نتنبه لهذا الأمر.

 فهذا الرجوع وهذه الصحوة، هذه إن وُجهت توجيهًا صحيحًا أصبحت خيرًا على أهلها وعلى غيرهم، وإن استُغِلَّت استغلالًا سيئَا من قِبَل أهل الشر وأهل النفاق ودُعاة الضلال، أو أن هؤلاء أهل الصحوة اعتمدوا على أنفسهم وعلى علمهم، وزهدوا بما عند غيرهم من العلم حصل الشر وحصل الفساد باسم الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

شارك