سيرة ذاتية – في موكب الدعوة -09-كلمة توجيهية للشيخ صالح الفوزان عن دور الشباب في الأمة|صالح الفوزان

استمع على الموقع

إقرأ

سيرة ذاتية – في موكب الدعوة -09-كلمة توجيهية للشيخ صالح الفوزان عن دور الشباب في الأمة-صالح الفوزان - الشيخ صالح الفوزان

بسم الله الرحمن الرحيم، المكتب الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، حلقات تُبث في إذاعة القرآن الكريم:

"في موكب الدعوة"

شيخ صالح -حفظكم الله- لا شك أن الشباب لهم دور مميز في الحياة ونجد أنها فرصة مناسبة لكي يتفضل الشيخ صالح في توجيه كلمة لشباب في هذا المقام.

: لا شك أن شباب الأمة هم عدتها بعد الله -سبحانه وتعالى-، فالواجب عليهم أن يعرفوا مكانتهم، وأنهم هم أبناء المسلمين، وهم الذين سيتولون المهمات بعد آبائهم، فعليهم أن يتهيؤوا للمسؤولية، وأن يتهيؤوا لمستقبلهم ومسؤولية دينهم، ومسؤولية أمتهم فليسوا مثل شباب الدول الكافرة الذين لا دين لهم، وإنما يتمتعون في هذه الحياة الدنيا فقط ولا يهمهم أمر دينهم ولا أمر أمتهم {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد: 12]، وشباب المسلمين ليسوا مثل شباب بقية الأمم الكافرة، فعلى شباب المسلمين أن يعرفوا مكانهم ومسؤوليتهم أمام الله سبحانه وتعالى، وأنه سيخلفون الجيل الذي قبله، ويحملون هذا الدين ويحملون الدعوة ويحملون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحملون همة الجهاد في سبيل الله -عز وجل-، فهم مهيؤون لأمر عظيم، فعليهم أن يعوا هذه المسؤولية، ولا يمكنهم القيام بها إلا إذا تأسسوا على علم صحيح في عقيدتهم وفي عبادتهم، وفي معاملاتهم وفي أخلاقهم، فعليهم أن يهتموا بتعلم العلم النافع من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأن يحذروا من التيارات الهدامة والمناهج الخطيرة المخالفة لمنهج الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، يجب أن يعوا هذا الأمر وأن يهيؤوا أنفسهم على التربية والنشأة الدينية الصحيحة، وأن يحذروا من الصوارف والدعايات الهدامة، وأن يحذروا من المغريات الدنيوية، وأن يُقدِّروا أيضًا زمنهم؛ فلا يضيعوه باللغو والغفلة والإعراض والمتاع الزائل فهم لم يُخلَقوا لهذا، وإنما خُلِقوا لمهمة عظيمة، قال الشاعر:

قد هيؤوك لأمر لو فطنت له    فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

فعلى شباب المسلمين أن يعرفوا مكانهم، وأن يعرفوا ما هم مهيؤون له، من الذي قاد الجيوش في عهد الصحابة والتابعين وسلف الأمة؟ هل قادها إلا الشباب؟! هل قادها إلا خالد بن الوليد، المثنى بن الحارثة؟! وهل تولى قضاء المسلمين وفتواهم إلا لشباب؟! معاذ بن جبل، عبادة بن الصامت، وابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم من شباب الصحابة هم الذين تولوا أمور المسلمين في الجهاد وفي العلم والدعوة، فعلى شباب المسلمين أن يعرفوا هذه الأمور، وأن يتخذوا من سيرة سلفهم الصالح القدوة الحسنة.

النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يهتم بأمر الشباب، ويريهم عناية خاصة، يقول لعبد الله بن العباس: "يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك."     

هذه الكلمات وجهها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عبد الله بن عباس وكان غلام، وقال له: "يا غلام".

 وقال -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل وكان رديفه على حمار، قال: " يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله"، قال: "الله ورسوله أعلم." قال: "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئًا." فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجه هذا العلم العظيم إلى شاب يركب معه على حمار، وهو توجيه للأمة ولشباب الأمة، قال عليه الصلاة والسلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه الصوم، فإنه له وجاء." وقال عليه الصلاة والسلام لعمر بن سلمة وكان (طفلًا ربيبًا؟؟ 32:20) عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمه أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان طفلًا يأكل مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فجالت يده في الصحفة، فقال له -صلى الله عليه وسلم-: "يا غلام سم الله، وكل بيمينك، كل مما يليك." هذا توجيه من النبي -صلى الله عليه وسلم- للطفل؛ لأنه سينشأ على هذه التعليمات وتنطبع في قلبه؛ فالواجب علماء المسلمين على عامة المسلمين أن يعتنوا بشبابهم بالتوجيه والرعاية، وصيانتهم من المؤثرات الخارجية.

وعلى شباب المسلمين كذلك أن يعرفوا مكانتهم في المجتمع ويهيؤوا أنفسهم لما هم مقبلون عليه من تحمل المسؤولية فما ضاع من شباب المسلمين إلا من ضيَّع شبابه وضيع وقته، الذين ضيعوا شبابهم وضيَّعوا وقتهم ضاعوا لما كبروا، وصاروا لا مكانة لهم في المجتمع، فعلى شباب المسلمين أن يعوا هذا الأمر وأن يتهيؤوا.

 

شارك